Overblog
Editer la page Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

تهتم بقضايا البحث الأكاديمي، وإعادة نشر مقالات الأستاذ أحمد عظيمي وكذلك الترويج للقضايا الفكرية التي تخدم الأمة العربية

الدرس الأول: التعريف بالعلوم الإنسانية والاجتماعية ومفاهيم العلم والبحث العلمي

الدرس الأول

التعريف بالعلوم الإنسانية والاجتماعية ومفاهيم العلم والبحث العلمي

 

نتناول، في هذا الدرس الأول، التعريفات المختلفة للعلوم الاجتماعية والإنسانية وتطورها وكذا الاختلافات الكامنة بين ما هو علوم اجتماعية وما هو علوم إنسانية وكذلك الفرق بينها وبين علوم طبيعية.

 

1- التعريف

يعرفها قاموس العلوم الاجتماعية[1] بمجموعة "العلوم التي تدرس الإنسان داخل المجتمع، بحيث لا يمكن تصور إنسانا لوحده ولا مجتمع من دون بشر"(Grawitz, 2000, 367)

يجيب (إيدوين د. سيلجمان) فى مقدمة موسوعة العلوم الاجتماعية (Encyclopedia of the social science) ، عن سؤال "ما هي العلوم الاجتماعية؟" قائلا بأنها "تلك العلوم العقلية أو الثقافية التي تتعلق بأنشطة الفرد كعضو فى جماعة".  وقد ميز سيلجمان، في نفس المقدمة، بين ثلاثة أنواع من العلوم الأجتماعية وهي:

  •  العلوم الاجتماعية الصرفة، والتي تشمل كل من السياسة، الاقتصاد ، التاريخ، القانون، الأنثروبولوجيا، علم العقاب، علم الاجتماع، الخدمة الاجتماعية؛
  •  العلوم النصف اجتماعية وتشمل: الأخلاق، التربية، الفلسفة، علم النفس ؛
  •  العلوم ذات المضامين (الانعكاسات) الاجتماعية وهى : علم الأحياء، الجغرافيا، اللغويات، الفن

يرى عاطف غيث أن مصطلح العلوم الاجتماعية يطلق "على أي نوع من الدراسة تهتم بالإنسان والمجتمع إلا أن المصطلح يشير بمعناه الدقيق أو الضيق إلى تطبيق المناهج العلمية لدراسة شبكة العلاقات الاجتماعية المعقدة وصور التنظيم التي تمكّن الأفراد من العيش معا في المجتمع.."[2]

ودون أن ندخل في نقاش لازال متواصل منذ عشرات السنين حول مدى علمية هذه العلوم، نكتفي بما أورده الباحث في علم الاجتماع، عبد الله إبراهيم، من أن  كلمة "علوم" مستعملة بالمعنى المجازي فهي لا تتوفر على الشروط اللازمة لعلميتها[3].

تضم العلوم الاجتماعية، كما رأينا أعلاه، كل ما له علاقة بالإنسان في تفاعله بمحيطه وعلاقة هذا المحيط بالإنسان، مما يجعل المجتمع هو موضوع هذه العلوم.

ملاحظة: لابد من التفريق بين العلوم الاجتماعية التي هي شاملة لكل المجالات الاجتماعية ويسعى البحث، من خلالها، إلى اكتشاف وتنمية المعارف حول هذه المجالات (السياسة، الاقتصاد، التاريخ، الاتصال...)؛ وبين الدراسات الاجتماعية التي هي جزء من العلوم الاجتماعية، وهي الجوانب التي تدرس في الجامعات والكليات.

 

2- تطور العلوم الاجتماعية

ظهر مصطلح "العلوم الاجتماعية"، في القرن التاسع عشر، في بريطاني، وكان أول من ذكره في أحد كتبه هو (وليام طومبسون) في سنة 1824.

في سنة 1857 ، أنشأت مجموعة من الباحثين (الرابطة القومية لتأسيس العلوم الاجتماعية)، لتتبعها، سنة 1865، وبالولايات المتحدة الأمريكية، (الرابطة الأمريكية للعلوم الاجتماعية) والتي لعبت دورا معتبرا في التأسيس لهذه العلوم.

تزامنت المرحلة التي بدأ فيها الاهتمام بالبحث في العلوم الاجتماعية مع تطور أساليب ومناهج البحث في العلوم الطبيعية التي أصبح البحث فيها يتصف بما يعرف بالصرامة العلمية، مما دفع بالمهتمين بالبحث في المجالات الاجتماعية إلى السعي إلى تطبيق بعض المناهج وأدوات البحث المستعملة في العلوم الدقيقة في مجال البحث الاجتماعي.

يقول الكثير من الغربيين بأن (أوغست كونت) هو مؤسس علم الاجتماع، غير أن المؤكد هو أن عبد الرحمن بن خلدون هو أول من وضع أسس هذا العلم من خلال مقدمته الشهيرة والتي درس من خلالها ما عرّفه باسم "العمران البشري".

يقول عبد الله إبراهيم[4] أن (أوغست كونت: 1793-1857) استنبط " كلمة "سوسيولوجيا" اسما لعلم يُعنى بدراسة الوقائع المجتمعية باعتبارها تشكل واقعا متميزا له قوانينه الخاصة كما هي الحال بالنسبة للوقائع الفيزيائية أو البيولوجية."

اختار (أوغست كونت)، في البداية، عبارة "الفيزياء المجتمعية" كاسم للعلم الجديد قبل أن يتراجع عن ذلك ويبحث عن اسم آخر؛ وقد "تمحورت الفكرة المركزية عند (أوغست كونت) حول "اللحمة" (consensus) التي تحدد الجسم المجتمعي (l’organisme social). وقد جعل كونت من "اللحمة" موضوع علمه الجديد. كما شيد عليها بناءه النظري.

وتتمثل هذه اللحمة عند كونت بالأسرة كوحدة مجتمعية رئيسية تربط بين عدة أفراد في وحدة عضوية متماسكة تتعدى التجاور والتجمع بين أجزائها"[5]

مع بداية القرن العشرين، وبالنظر للأحداث الكثيرة التي هزت العالم (الحرب العالمية الأولى ثم الثانية، انتصار الثورة البلشفية في روسيا ..)، وبالإضافة للمخترعات العلمية التي بدأت تظهر وتتطور بسرعة هائلة،  وبظهور مؤلفات وأبحاث بعض المفكرين على رأسهم الثلاثي: كارل ماركس ()، إميل دوركايم () وماكس فيبر ()؛ عرفت العلوم الاجتماعية والانسانية تطورا ملحوظا.

في هذه الفترة، اهتمت مجموعة من العلماء، منهم (إميل دوركايم) بتطوير قواعد البحث للارتقاء بمجال دراساتهم حول المجتمع إلى مصاف البحوث العلمية؛ بينما ركز (كارل ماركس) وصديقه (أنجلس) على دراسة الطبقة العاملة تنبئين، في كتابهما الشهير (رأس المال:   ) بورة العمال لإقامة النظام الشيوعي الخالي من الطبقات.

 

3- العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية
يطرح باستمرار التساؤل التالي: هل يمكن التمييز بين العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية؟

يرى "كلود ليفي ستراوس" Claude Levi-Strauss بأن هناك ترادف Pléonasme بين الإنسان والمجتمع، وبالتالي فالتمييز بينهما يكون من الناحية التطبيقية فقط. العلوم الاجتماعية  تهتم بالمظهر الملموس والمهني للنشاط البشري، في حين أن العلوم الإنسانية تتخذ موقعها خارج أي مجتمع بعينه، فهي تدرس المجتمع بغض النظر على وجوده الواقعي في أي رقعة جغرافية ما، وهي تتبع هنا سبيل العلوم الطبيعية، كما أنها تتجاوز المظاهر Apparences في مقارباتها للواقع، هادفة بذلك فهم العالم.[6]

لتبسيط العلاقة بين العلوم الاجتماعية والعلوم الانسانية والفرق بينها، نقول أن العلوم الإنسانية تدرس الإنسان كإنسان (الأصل، الثقافة..) دون الأخذ بعين الاعتبار مسألة انتمائه لمجتمع معين، بينما تدرس العلوم الاجتماعية الإنسان في تفاعله مع المجتمع (نشاطات الإنسان داخل المجتمع)

4-الفرق بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية

يمكن التمييز بين العلوم الاجتماعية والانسانية من جهة والعلوم الطبيعية من جهة أخرى من خلال العناصر التالية:

  • من حيث مجال الدراسة، حيث يكون في العلوم الاجتماعية هو الإنسان الذي هو كائن حي يشعر بوجوده بينما هو المادة في العلوم الطبيعية؛
  • من حيث إرضاخ العينة محل الدراسة للتجربة، حيث يصعب التجريب على البشر لأن تصرفاته وردود أفعاله هي نتاج أحاسيس داخلية وتحكم عقلي معين في ظروف معينة (خوف، فرح، حب، كراهية ..) وهي لا تتكرر بنفس الطريقة بينما المادة هي جماد يمكن إرضاخه للتجربة مرات متتالية دون خوف من أن يحدث أي تغير عليه إرضاخ المادة للتجربة أكثر من مرة؛
  • العلوم الطبيعية تطورت أكثر من العلوم الاجتماعية؛
  • لازالت العلوم الاجتماعية والانسانية تعاني من القصور في الاعتماد على التجريب والاستقراء والقياس والتطبيق للتأكد من صحة النتائج المتوصل إليها في البحوث والدراسات بينما ذلك أصبح متاحا في العلوم الطبيعية.
 

 

[2] - (

 

[3] - عبد الله

[4] - عبد الله

[5] - عبد الله

 

[6] - G

Retour à l'accueil
Partager cette page
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :